تفسير الرقية الشرعية في المنام

إذا رأى النائم في حلمه كأنه يرقي مريضا بشيء مما ورد في القرآن الكريم أو سنة النبي عليه الصلاة والسلام فإن منامه ذاك يدل على الظفر والأمان والتحصين من الآلام والأوجاع.

الرقية الشرعية في المنام تدل على درء الهموم ودفع الأحزان والنأي بالنفس عن الكرب و الأدران. أما الذي يرى في منامه كأنه يرقي الناس بخلاف ذلك، فإن رؤياه في التأويل دالة على الكذب والصلف والادعاء... وقيل الرقية الشرعية بغير آيات القرآن تدل على الرياء والباطل من الأعمال، وقيل أيضا هي صناعة أو عمل فيهما غش. وقيل كتم للنصح وصد للمنافع، ومن كان صاحب منصب أو حكم ورأى في المنام كأنه يرقي الناس بآيات من القرآن فإنه يحكم كلام الله في إدارة شؤون الرعية، فإن رأى كأنه يرقي الناس بغير القرآن فإنه يحكم بالباطل ويكون جائرا في حكمه.

قال النابلسي: من رأى كأنه يرقي أو يرقى بكلمات فيها اسم الله أو آيات من الذكر الحكيم فإنه يأمن على نفسه من الأذى والشر والحسد. أما الرقية التي لا يذكر فيها اسم الله فهي صنيع فيه خبائث، وذلك يستوجب من الرائي التوبة والاستغفار عند صحوه من المنام.

تفسير الرقية الشرعية في منام العزباء

إذا رأت العزباء في منامها كأن شخصا يقرأ عليها آيات قرآنية أو أدعية شرعية وهو ينفث على موضع ألم في جسدها، فذلك بإذن الله تعالى شفاء وزوال الهموم والمتاعب، فإن رأت العزباء في المنام كأنها ترقي نفسها فإنها بعون الله وفضله تنجو من كدر أو هم أو علة أو سوء أو ضرر، لما ثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه كان يرقي نفسه بنفسه.

ولا خير في رؤيا ترى فيها العزباء كأنها تمتهن الرقية الشرعية مقابل المال أو تستجلب شيخا يرقيها ثم تدفع له مقابل ذلك. لأن هذا الأمر محرم في الشريعة وقد نهى عنه الرسول الكريم لما في ذلك من خداع واستغلال لحاجة الناس وضعفهم وقد تدل الرقية مقابل المال على فساد الذمة وإتيان المعاصي.

فإن رأت العزباء كأنها تتعوذ في المنام بنية الرقية فإنها في يقظتها تتخلص من الذنوب والآثام ومثل ذلك أن تتلو العزباء في الرؤيا هذه السور والآيات.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، مِن شَرِّ مَا خَلَقَ، وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ، وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ، وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ.

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، إله النَّاسِ، مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ.

الرقية الشرعية تدل كذلك في منام العزباء على الشفاء والتعافي لقوله تعالى في سورة الإسراء 

وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا

أما العزباء التي ترى في منامها كأنها تأوي إلى فراشها، ثم تجمع كفيها فتنفث فيهما وتقرأ: قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ثم رأت في الحلم كأنها تمسح ما استطاعت من جسدها فإن كانت مريضة تشفى بإذن الله وإن كانت مهمومة زالت عنها أسباب الكدر.

فإن رأت البنت أو الفتاة العزباء كأن نبيا من الأنبياء يرقيها أو ملك هبط من السماء يقرأ على مسامعها المعوذات مثل سورة الإخلاص وسورة الناس فإنها بعون الله تصيب خيرا كثيرا، وقيل تتحقق لها غاية أو أمنية عزيزة من الأمنيات...

فإن رأت العزباء كأنها ترقي شخصا فذلك الشخص قد تكون به نظرة أو حسد فإن رأت العزباء كأنها ترقي شخصا تحبه وتتمنى الزواج به، فالرقية الشرعية عندئذ تدل على عقد قران شرعي بينهما.

أما العزباء التي ترى في الحلم أو المنام كأنها تقول 

أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة

أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض ومن شر مايخرج منها، ومن شر طوارق الليل والنهار ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمان.

فإنها في اليقظة تتقي الشرور كلها، ولن يصيبها في عامها ذاك أي أذى مثل هذه التعويذة أو الرقية قد تدل على خير كثير يطرق بابها ومثل ذلك الأخبار السعيدة وتحقق الأمنيات ومنها أمنية النجاح والزواج على وجه الخصوص.

تفسير الرقية الشرعية في منام المتزوجة 

الرقية الشرعية في المنام لها نفس الدلالة في اليقظة لأنها سنة من سنن النبي وهي في منام المتزوجة ترمز إلى الشفاء وعلاج العين والحسد وكثيرا ما تدل على زوال الأمراض مثل آلام الرأس والنعاس المستمر وهي أيضا تدل على بركة قد تحل في بيت المتزوجة بعد مشقة أو حزن أو عناء لأن بها تزول أسباب الغم والشقاء.

الخير في أن ترى المتزوجة أمها أو والدتها ترقيها، فإن كانت لها في البال أمنية وسمعت في منامها الرقية الشرعية فإن أمنيتها تلك قد تتحقق خلال ثلاثة شهور على أقصى تقدير ومثل تلك الأمنيات الإنجاب أو الحمل أو سعة الرزق ووفرة المال.

إذا رأت المتزوجة في منامها كأنها ترقي زوجها أو رأت كأن زوجها يرقيها وكان بينهما خلاف فإن الخلاف زائل بإذن الله تعالى. فإن رأت المرأة المتزوجة كأنها ترقي ابنها أو ابنتها فذلك في التأويل حفظ وستر وأمن دائم لا ضير بعده. 

أما الحامل التي ترى في منامها كأن شخصا يرقيها فذلك في التأويل حفظ وأمان وقيل الرقية الشرعية في منام الحامل تدل على زوال أسباب الآلام والأوجاع وقيل هي مؤشر قرب موعد الولادة خاصة إذا كانت التي ترقيها امرأة لأنها في هذا السياق قد تعبر عن الداية أو القابلة وكلاهما في التأويل بشرى ولعل الرقية أيضا تدل في منام الحوامل من النساء على الشفاء من كل علة وداء.

أما الحامل التي ترى في منامها كأن التي ترقيها في الرؤيا امرأة تدعى رقية فتلك بشارة عظمى وبركة تحل في البيت، وقيل خير كثير يطرق باب الرائية لأن اسم رقية اسم مبارك رؤيته في الحلم تعبر عن بلوغ المقاصد وتحقيق الأمنيات.

أما المطلقة التي ترى في منامها كأنها ترقي طليقها أو تدعو له بالخير والصلاح والرشاد فإنها قد تعود إليه، فإن رأت المطلقة كأن زوجها السابق يرقيها من العين أو الحسد فإنه بإذن الله يرجعها وربما دلت الرؤيا على صلح في اليقظة قد يضفي إلى زواج بينهما والله أعلم.

أما الأرملة التي ترى في الحلم كأن زوجها الميت يرقيها فإنها في يقظتها قد تشهد خيرا كثيرا وربما دلت الرقية الشرعية في المنام على وصية شرعية أو عقد شرعي مثل عقد الزواج. والخير طبعا في أن تكون الرقية في المنام بآيات من القرآن، فإن كانت بغير ذلك فهي غير محمودة سواء في منام المرأة أو الرجل، والأرجح تأويلا أن الرقية الشرعية بغير النص القرآني، تعبر عن الباطل من القول والعمل فمن رأت ذلك من النساء فعليها أن تراجع أمرها و تستدرك ما فاتها وأن تتوب عن المعاصي مثل النميمة أو النفاق أو قول الزور زرع الفتنة أو شيئا من هذا القبيل وذاك...

تفسير الراقي في المنام

أما الراقي في التأويل فهو شخص صالح مؤمن إذا كانت رقيته بواسطة آيات من الذكر الحكيم أو كان يرقي في المنام كما كان الرسول الكريم يرقي الناس، وهو في التأويل حافظ للذكر أمين، فإن كان الراقي في الحلم يرقي الناس بغير القرآن فهو آثم وربما دلت رؤيته على المنافق من الشيوخ والأئمة والدعاة... فمن رأى إماما يرقي الناس بكلام غريب أو تعاويذ هجينة ليست من الإسلام في شيء، فذلك الإمام صاحب بدعة وضلالة أما قوله أو كلامه على المنبر فهو فتنة أو فرقة بين المسلمين.

فإن كان الراقي في المنام شخصا ميتا وكانت رقيته شرعية تطابق ما جاء في سنة النبي الكريم وصحبه، فإن ذلك الميت كان شخصا صالحا في دينه ودنياه وربما دلت الرؤيا تلك على حسن مقامه عند رب العزة. فإن كانت رقية الميت لا تطابق السنة فهي علامة على سوء عمله في الدنيا وربما دلت رقية الميت للحي بغير القرآن على ضلالة أو بدعة أو سيئة يأتيها الرائي وربما دلت على اتباع الهوى والزيغ.

فإن كان الراقي في الحلم من الجن وكانت تعويذته شرعية تتوافق مع الرقية الشرعية في الإسلام فإن ذلك يدل على مبرة يأتيها الرائي ويجزى عليها بإحسان والجني حينئذ قد يدل على عبد صالح ورع يشد أزر الرائي وقت محنة أو يحفظه من الضرر والأذى. وقيل رقية الجن تدل على خادم أمين فإن كان الجني في الرؤيا يرقي الناس بغير القرآن فهو في التأويل شخص سيئ يدعي إلى الفرقة والفتنة أو العداوة فمن رأى ذلك عليه في يقظته أن يحذر بعض الأشخاص المتملقين أو المتزلفين الذين يظهرون خيرا في حين تخفي ضمائرهم السوء والضير أو الأذى.

أما رقية الحي للميت في المنام فهي رحمة لذلك الميت من عذاب الآخرة إذا كانت رقية شرعية تامة الشروط أو تتوافق مع سنة النبي محمد فإن خالفت رقية الحي للميت ما ورد في الأثر عن الرقية الشرعية فهي حينئذ تعبر عن بدعة أو ظلالة الحي، في حين تدل للميت على سوء عاقبته والعياذ بالله.

بهذا نكون أيها الإخوة والأخوات قد أتممنا بعون الله تفسير الرقية الشرعية في المنام نأمل أن يكون المقال قد حاز على شيء من استحسانكم، نلتقي إن شاء الله تعالى مع موضوع جديد من تفسير الأحلام، حتى ذلك الموعد أتمنى للجميع حظا طيبا وأوقات سعيدة، دمتم جميعا في رعاية الله وحفظه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر: تمت صياغة هذا المقال بالرجوع إلى كتاب عبد الغني النابلسي (تعطير الأنام في تعبير المنام).